Thursday, May 17, 2012

صباحي , خالد علي و أزمة اليونان



تناولت معظم وكالات الأنباء العالمية بترقب بالغ أزمة اليونان و إحتمالات خروجها من الإتحاد الاوربي. أصبحت أزمة اليونان في أخطر مراحلها بعد فشل تكوين حكومة ائتلافية للمرة الثالثة و إحتمال إعادة الإنتخابات في منتصف يونيو القادم. تنبأ معظم الاقتصاديون بخطورة الأزمة، حيث صرحت منظمة ميريل لينش و البنك الأمريكي وكثيرون في الإتحاد الاوربي أنه في حالة إستمرار عدم وجود حكومة في اليونان حتى أخر مايو, سيتعرض الإقتصاد اليوناني للافلاس في غضون شهر أو شهرين على أكثر تقدير مما سيترتب عليه حتى صعوبة دفع الأجور. إذن نحن في إنتظار خلال أيام إتخاذ قرار باعادة الإنتخابات في اختبار هو الاصعب  للشعب اليوناني. إن في أزمة اليونان الحالية درس في غاية الأهمية للشعب المصري قبيل الإنتخابات الرئاسية القادمة. 

أزمة اليونان السياسية جائت بعد ما فشلت الاحزاب السياسية الحاصلة على أعلى نسبة أصوات في الإنتخابات البرلمانية في تكوين حكومة للمرة الثالثة منذ أكثر من ١٠ أيام. إذ لم تأتي  نتيجة الإنتخابات بأغلبية كافية لحزب معين لتكوين الحكومة كما هو موضح لاحقاً في رسم بياني.



تكمن المشكلة في قرار رئيس حزب سيريزا  اليسار الراديكالي, اليكسيس تسيبرس ذو ال ٣٨ عاماً الإنسحاب من أي حكومة سوف تؤيد خطط التقشف الاوروبية. إذ صرح “ لن اشارك في أي حكومة تزيد من التقشف على اليونان, الشعب اليوناني يرفض هذا ”. جدير بالذكر أن هذا الحزب حصل على ثاني أعلى أصوات في الإنتخابات الماضية, و يتوقع الخبراء إرتفاع إحتمالات فوزه إذا تمت إعادة  الإنتخابات حسب معظم إستطلاعات الرأي.  إستمرار رفض اليكسيس تسيبرس اليساري العنيد في الدخول في حكومة ائتلافية يعرض البلاد إلى شلل سياسي مما سيترتب عليه بلا شك إعادة الإنتخابات. كما صرح مكتب الرئيس اليوناني كارلوس بابولياس الثلاثاء الماضي.


من المفارقات الجديرة بالذكر أن ٧٨ % من الشعب اليوناني لا يريد الخروج من مظلة الإتحاد الاوربي, و لكن على الرغم من هذا، و نتيجة لما عاناه الشعب اليوناني في الخمس سنوات الماضية من إنهيار إقتصادي و إرتفاع البطالة إلى أكثر من ٥٠ % بين الشباب. سيجعل الشعب أقرب إلى التصويت لصالح حزب اليسار الراديكالي في الإنتخابات القادمة.مما يترتب عليه بلا شك رفض خطط الإتحاد الاوربي بقيادة ميركل و التي تتمثل في مزيد من التقشف من أجل حزمة المساعدات من البنك الدولي. رفض المساعدات سيصيب الإقتصاد اليوناني المنهك بشلل التام،  في هذه الحالة يصبح حتمياً على اليونان الخروج من عملة اليورو و الرجوع إلى عملة ضعيفة نسبياً تساعدها في الخروج من الأزمة.

 ما يجعل أزمة اليونان كارثية للإتحاد الاوربي هو أن في حالة خروج اليونان, يتوقع أغلب  الخبراء خروج إيطاليا و أسبانيا والبرتغال من غطاء العملة الواحدة لنفس الأسباب. مما يعني سقوط عملة اليورو و ما يترتب عليه من أثار إقتصادية كارثية على اوروبا و الإقتصاد العالمي. على سبيل المثال فإن دولة مثل ألمانيا سترتفع عملتها بلا شك بسبب قدرتها الإنتاجية العالية، مما سيتترتب عليه إنخفاض الطلب على صادراتها. لهذه الاسباب وأكثر تحاول ميركل قيادة الإتحاد الاوروبي إلى إقناع اليونان بمزيد من المساعدات. إذا إختار الشعب اليوناني حزب اليسار الراديكالي في الإنتخابات المقبلة، سيعني هذا تفكك الاتحاد الاوروبي في القريب العاجل وإحتمال دخول اوروبا في ركود إقتصادي عنيف كما توقع الكثير من الخبراء.  

اعتذر عن الإطالة و لكن من قرائتي الشخصية لأزمة اليونان في تكوين حكومة، وإيضاً من خلال أزمات مشابه لا مجال للحديث عنها هنا مثل قرار إعادة الإنتخابات في هولندا بعد سقوط الحكومة في أقل من  ٩ أشهر من تكوينها. أردت فقط لفت إنتباه القاريء لبعض الأزمات التي يمكن أن تقع بها مصر في الشهور القليله القادمة. فاننا مقبلين في مصر على معارك ليست سهله بين القوة السياسية في تكوين الحكومة، فمن الخطأ أن نفكر في شخص رئيس مصر القادم بدون المراعاه لمثل هذه الأزمات خاصةً في ظل هذا الفراغ الدستوري.  


  أعلم بالاختلاف بين موقف اليونان و موقف مصر. و لكن في اعتقادي انه اذا أتت الإنتخابات الرئاسية بأحد ممثلي التيار الإشتراكي اليساري في هذا التوقيت بالذات سيصعب معه تكوين حكومة مع التيار الإسلامي خاصةً لما يتمتع به شخصية خالد علي الثورية و شخصية صباحي الناصرية. ستدخل البلاد بلا شك في صراع على السلطة التنفيذية و كتابه الدستور، خاصةً و نحن على اعتاب أزمة إقتصادية ناتجه عن عدم إستقرار سياسي. لا يستطيع أحد إنكار أن هناك إختلاف ايدولوجي حاد في الخطط الإقتصادية لكل من الجانبين، فحتى إذا حدث تحالف في تكوين هذه الحكومة, سيصبح السؤال فقط في معاد سقوط هذا التحالف في أول إختبار إقتصادي.

 الاقتصاد المصري  يخلو من أي صناعات كبري تتيح للدولة قدرة إنتاجية تساعدها في الخروج من الأزمة,  أيضاً تراجع عائد السياحة بشكل كبير و هروب المستثمرين . أعتقد إختيار الاقتراض من البنك الدولي لن يكون بعيداً فكما صرح  أحمد مسعود، مدير إدارة شمال إفريقيا والشرقين الأدنى والأوسط في صندوق النقد الدولي أن هناك العديد من الخطط للاقتراض من البنك الدولي تتوقف فقط علي الحكومة القادمة في مصر نقلاً عن جريده الأهرام. و هو ما أعتقد إنه سيرفضه  بشدة  التيار اليساري في مصر ( و أنا معهم في هذا ) و لكن مع وجود إختيار الاقتراض من البنك الدولي في اجندات التيارات الإسلامية. سيكون أي تحالف بين هذين التيارين في منتهى الصعوبة. 


على الرغم من تقارب تفكيري إلى التيار اليساري, و لكن في هذه اللحظة أرى أن الإستقرار السياسي في تكوين حكومة و دستور أهم كثيراً من الإتجاهات السياسية الحزبية.  مصر الأن في حاجة ملحة لإستقرار سياسي و دستور قوي محصن بإرادة شعبية. هذا ليس الوقت المناسب للخوض في تجربة قومية أو مغامرة  ثورية على حساب الوفاق الوطني. إختيار خالد علي أو صباحي سيكون مثل إختيار اليونان لرئيس حزب اليسار الإشتراكي صاحب الشعبية. لن ينتج عنه حكومة ائتلافية بسهولة و سيجر البلاد إلى مزيد من عدم الإستقرار. لا ادعي أن في إختيار مرشح أخر فرص أفضل في الاستقرار الديمقراطي المنشود، و إيضاً لا أقصد من مقالي أن  ادعي أن في إختيار رئيس يساري خطر على مصر، فهذا رأيي الشخصي، من الجائز أن ينجح هذا الرئيس اليساري في تكوين الحكومة منفرداً و يفرض سياساته على البرلمان و يكون هذا أفضل لمصر، لا أعلم، لكني فقط أريد أن يعي الناخب تبعات إختياره و ما يمكن أن يترتب عليه، هي محاولة للاستعداد لما نحن مقبلين علي إختياره.  



Thursday, May 10, 2012

الاجابة : أبو الفتوح



غداً الجمعة الموافق ١١ مايو ٢٠١٢  سيتوجه المصريون بالخارج للسفارات والقنصليات المصرية من أجل المشاركة في الانتخابات الرئاسية. كثرت النقاشات و اختلفت الدوافع و الرؤى، حتى الاحزاب و الحركات ذات التوجه الواحد لم تجد القرار سهلاً. جاء البرادعي وذهب، سطع نجم حازم و سقط، لعب الشاطر ثم استبدل بالإحتياطي.  الاسلاميون مختلفون على أبو الفتوح أو مرسي، شباب الثورة مختلف على أبو الفتوح أو صباحي أو خالد علي، حتى الفلول مختلفون على عمرو موسى أو شفيق. أكثر من ١٠٠٠ شهيد و تفكك مؤسسات الدولة و إنهيار إقتصادي يجعل من صوت كل مصري أمانة في عنقه ليوم الدين. لو ليس من أجل الشهداء فهو من أجل حلم عاشه كل مصري يوم ١١ فبراير ٢٠١١.  

رئيس الدولة هو موظف عندي، في طريقة إختياري تخيلت اني صاحب الدولة، وجاءني ١٣ موظف محتمل لكي اختار واحد.  ما أراه عيب عند الكثير هو اختيارهم للاصلح فقط. و لكن الإختيار في رأيي المتواضع يجب أن يكون : الاصلح والانسب معاً. اتفق معظم المصريين على الاصلح و هم : صباحي، أبو الفتوح، مرسي، خالد علي. الجميع يعلم تاريخ ومميزات كلاً منهم.   بإختصار شديد اسمحو لي أن أوضح معاير إختياري للأنسب: 

1) الانتخابات القادمة هي الأخطر  ليس في تاريخ مصر فحسب، ولكن على الصعيد العالمي.  سينتخب المصريون رئيس بلا دستور. حاول أن تتخيل معي ما نحن مقدمين عليه. في خلال اسابيع سيكون في سدة الحكم في مصر المجلس العسكري بحكومه الجنزوري، البرلمان بأغلبيته الاسلامية، وأخيراً رئيس منتخب. من سيحكم بينهم؟! هل سيسلم المجلس العسكري السلطة كما وعد؟! من سيحكم في الطعون المقدمة ضد البرلمان؟! من سيقوم بتشكيل الحكومة الجديدة ؟! هل تعلم كم من سلطة سقطت في كثير من الدول لفشلهم في تكوين حكومة.  مجلس الشعب رفض المعاير الموضوعة لكتابة الدستور من إجتماع المجلس العسكري بالاحزاب، من سيكتب الدستور و متى؟! هل سيرضى العسكر أن تكون الدولة برلمانية؟! هل سيرضى الاخوان أن تكون الدولة رئاسية؟! هل سيسكت الرئيس القادم إذا قررت لجنة الدستور تجريده من كل صلاحيته؟!  بإختصار هناك عبث دستوري و سياسي لم نري له مثيل.  إذاً من وجهة نظري أن من مصلحة مصر العليا أن يأتي رئيساً يرضي به كل القوة الوطنية المتصارعة، و يرضي به الشعب. إذاً إختيار الصباحي وخالد علي في ظل وجود قوة إسلامية متشددة في البرلمان و في الشارع و في ظل وجود "الطرف الثالث" سيجعل المشهد السياسي في غاية الخطورة، بل و على صفيح ساخن، كم شهر في اعتقادك يحتاج المجلس العسكري لفتعال الوقيعة بين الرئيس اليساري ومجلس الشعب اليميني نصف المتطرف في ظل غياب الدستور؟ من السهل جداً توقع فشل هذا الرئيس الذي لا يحظي بقبول  أياً من البرلمان أو الجيش.

2) إذا سلمنا على ضرورة توافق القوة الوطنية والبرلمان على الرئيس القادم، من السهل استبعاد شفيق و موسى من الإختيار لأنكم أعلم مني بفسادهم، لن يقبل أي مصري شريف هذا. أما إنتخاب رئيس يساري سيغضب البرلمان الاسلامي و لن يهنأ المصريون إلا بسقوط احدهم. اذا فرئيس مصر القادم يجب عن يكون ذا خلفية إسلامية حتى نضيع على العسكر فرصة الصدام المتوقع بين السلطتين المنتخبتين في البلد. لم يبقي اذا غير مرسي مرشح جماعة الاخوان المسلمين أو أبو الفتوح.

٣) إنتخاب مرسي نعم سيخرجنا من مأزق صدام مجلس الشعب بالبرلمان ولكن سيدخلنا في مشكلة من وجهة نظري أعمق. تسليم الدولة للاخوان بالسلطة التنفيذية والتشرعية وكتابة الدستور سيكون صفعة في المسار الديمقراطي. لن نسمح لمرشد أو مجلس شورى أن يحكم مصر منفرداً بعد أن أثبت على مدار أكثر من عام التخبط وعدم الوفاء بالعهد، و تصنيف الثوار بالبلطجية.رأينا جميعاً ماذا فعل الاخوان عندما إنفردو  بكتابة الدستور، وكيف إنسحب باقي القوة المدنية من جمعيت الدستور، فما بالك لو إنفردت الجماعة بالمجلسين والرئاسة؟ هذا لو أصلاً سلم لهم المجلس العسكري السلطة! 

٤)  أبو الفتوح هو الأنسب لأنه الوحيد الذي إجتمع عليه السلفيون (حزب النور) واللبراليون والثوار والكثير من الاخوان. هو الوحيد القادر على توفير الاستقرار السياسي الذي يسمح ببناء وطن لا يحتمل المزيد من الخلاف. هو الوحيد القادر على الفلات من مأزق الصدام مع البرلمان حتى كتابة الدستور،  أعتقد أن شعبيته أوسع من صباحي و أوسع بكثير من خالد علي في مواجهة الفلول ومرسي.

٥) يعتقد بعض الثوار أن أبو الفتوح سينصر الاخوان في حالة فوزه، سؤال بسيط؛ إذا كان أبو الفتوح في صف الاخوان، هل تعتقد بأي حال من الاحوال أن تغامر الاخوان بمصداقيتها وفرص فوزها وتدفع بمرسي؟  و هي تعلم أن كل أصوات مرسي هي في الأصل من أصوات أبو الفتوح ؟ و هي تعلم أن هذه الخطوة كلفتها الكثير في الشارع السياسي من كره و عدم ثقه؟ وهي تغامر بتفتيت اصواتهم بين مرسي و أبو الفتوح مما يقلل كثيراً من فرصهم.  هل تعتقد أنها كانت ستغامر  بكل هذا لو كان ولاء  أبو الفتوح لهم ؟

٦) أبو الفتوح شخص ليبرالي، استطيع أن أجزم أن موضوع الحريات سيكون في أمان معه. فلا خوف لثوري أو سلفي أو اخواني في وجوده. هو دبلوماسي في كلامه، وهو ما نحتاجه في هذه الفترة، خانه التعبير في كلامه عن طنطاوي في أخر حديث له، ولكن موقفه الثوري يشفع له بالتأكيد.

 سأذهب غداً لإنتخب أبو الفتوح في سفارة مصر و أنا تمام الثقة اني لم أأخذ قراري بناءً على توجهي الحزبي أو الايديولوجي. سأنتخب أبوالفتوح لحماية مصر من عبث الفترة الانتقالية والحفاظ على دماء المصرين و ليعمل الجميع معاً لبناء مصر القوية. والله أعلى وأعلم!